(1)
((ما الذي يحمل المرء على الكذب و التنفُّخ والادعاء ؟ أهو فطرة يُفطَر عليها الكذّاب ؟ أم هي نقيصة يجدها المرء فيريد أن يسترَها بالألفاظ التي تحتال على القارئ والسامع ؟ أم هي حكةٌ في اللسان كالجرب ، لا يشفي منها إلا ( هرش ) اللسان بكلمات يدَهْوِرُها عليه ؟ أم هي لا هذا ، ولا ذاك ، ولا تلك ، بل هي سَورة كسورة الخمر ، تأخذ شاربَها حتى ينتشي ، فإذا انتشى عاود ، فإذا عاود ضَرِيَ عليها ، فإذا ضري عليها صار مدمناً لا يفيق من نشوة الكذب ، والتنفخ والادعاء ، حتى تتبيّنَ العربدة في الكلام في حالتَي الصحو والسكر ، لا فرق بين الخُمار والإفاقة، وأيُّ ذلك كان ، فالكذب خليقة مرذولة ، وخَصْلة مستهجنة ، وخبيثة من الخبائث)).
أباطيل وأسمار
346